أكد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء، أنه لا يوجد فرق بين التأمين التجاري أو التعاوني، وكلاهما واحد، فالتأمين التعاوني يعتمد على خمسة عناصر، وهي المؤمن، والمؤمن عليه، وقسط التأمين، ومكان التأمين، والتعويض. ولا يوجد هناك تأمين تعاوني، وتأمين تجاري سواء من حيث التطبيق، أو آلية التنفيذ، وأن جميع الأطراف في عقد التأمين رابح.
وأوضح الشيخ المنيع في محاضرة عن المنظور الشرعي للتأمين استضافتها الغرفة التجارية الصناعية في الرياض ممثلة في لجنة الأوراق المالية الإثنين الماضي، أن التأمين يعد وسيلة من وسائل حفظ المال، والإسلام حث على حفظ المال، بل أمر بحفظه، والسعي للحصول عليه بالطرق الشرعية، وليس بالطرق غير المشروعة مثل الربا، والمخدرات، والمتاجرة بالسلاح وقت الفتن.
وأضاف أن الإسلام نهى أن يكون المال دولة بين الأغنياء، حيث فرضت الزكاة، وكذلك الصدقات والإنفاق في سبيل الله، والعطايا، وتوزيع المال على الورثة، وكل ذلك وسائل حبب إليها الإسلام، ونادى بها من أجل ألا يكون هناك تكدس في الأموال. وأكد المنيع أن الإسلام عندما أمر بحفظ المال، بيّن كذلك الوسائل التي تساعد على حفظ المال التي منها الرهن، والضمان، والشيكات السياحية، وبطاقات الائتمان، والتأمين.
وعن القول إن التأمين التعاوني تأمين مقصود، هذا ليس بصحيح، بل هو تعاون غير مقصود، فمثلا رغيف الخبز لا يصل للمستهلك النهائي إلا بعد أن يمر بعدد من المراحل بدءا من الزراعة مرورا بالحصاد، والنقل، والطحن، والتعبئة، وصولا للخباز، ومن ثم للمستهلك النهائي، فهنا هل كل الأفراد، أو المراحل التي مر بها رغيف الخبز كان بتعاون مقصود، أم غير مقصود. بالطبع تعاون غير مقصود لأن كلا منهم يعمل لهدف معين بغض النظر عن المرحلة الأخرى التي سيمر بها، فبالتالي القول إن التعاون هنا مقصود ليس بصحيح.
وعن ضرورة التأمين قال المنيع إن الأمن مطلب للجميع، فالأموال تدفع من أجل الحماية، فمثلا وزارة الداخلية تختص بحفظ الأمن، وسلامة الأرواح والممتلكات، ومن أجل ذلك يكون لها ميزانية كبيرة تصل إلى ربع ميزانية الدولة، كل تلك المبالغ التي تصرف أليست من أجل الأمن، فكذلك أقساط التأمين تدفع من أجل أن يكون المؤمن يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية على ممتلكاته، وبمعني آخر يشتري راحة البال والنفس.
وأضاف أن التأمين التعاوني يجب أن يكون شخصية مستقلة تفصل عن الشركة المالية التي تديره، فشركات التأمين لا تعتمد في دخلها على أقساط التأمين فقط، بل تعتمد في إيرادها على مصدرين من مصادر الدخل أحدهما أقساط التأمين، والآخر استثمارات مالية، وهذا لا يجسد شخصية التأمين المتعارف عليها، لذلك لابد أن يستقل عن الشركة المالية، أو الاستثمارية، حتى يكون لها شخصية مستقلة.
وعن القول إن التأمين مصادمة لقضاء الله وقدره، قال المنيع إن هذا ليس بصحيح، بل إن التوكل على الله مطلوب، وحث عليه الإسلام، ولكن الأخذ بالأسباب مطلوب أيضا، فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، مثله مثل التداوي.
فمثلا إذا كان لدينا شركة تريد أن تستثمر في مشروع بـ 100 مليون ريال، فإذا خسر هذا المشروع دون أن يكون هناك تأمين على ذلك سيكون هذا كارثة على المستثمر، ومن اشترك معه، ولكن إذا كان هناك تأمين وخسر ذلك المشروع، فسيعود هذا المستثمر ومن معه من الشركاء بالروح والنشاط أنفسهما.
وفي سؤال عن جواز المضاربة والاكتتاب في شركات التأمين، أجاب المنيع أن الإجابة على هذا السؤال يحتاج إلى توضيح، فالنشاط التأميني للكثير من شركات التأمين المحلي كما ذكرنا عبارة عن نشاطين، أحدهما تأميني، والآخر استثماري. فإذا كان تأمينيا فقط، فهذا لا شيء فيه ويجوز، ولكن إذا كان استثماريا، فهذا يعتمد على نوعية الاستثمار، فإذا كان الاستثمار استثمارا إسلاميا، فهنا يجوز الاكتتاب فيها والمضاربة، أما إذا كان الاستثمار غير إسلامي فهنا لا يجوز الاكتتاب، ولا المضاربة فيها